الحكم التكليفي :
درسنا
من قبل أن الحكم الشرعي ينقسم إلى قسمين هما : الحكم التكليفي ، والحكم الوضعي .
وقلنا إن الحكم التكليفي هو الذي يتعلق بتكليفات الله للعباد ، وعلى هذا فيكون تعريفه – عند الأصوليين – أنه : خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير .
من هذا التعريف نفسه سنتوصل إلى أنواع الحكم التكليفي .
قلنا إن ” الاقتضاء ” معناه : الطلب ، سواء كان أمرا أو نهيا ، وقلنا إن ” التخيير ” معناه : الإباحة ، فإن العبد مخير فيه بين أن يفعل ولا يفعل . نلاحظ أيضا أن ” الأَمْر ” يمكن في الشرع أن يكون أمرا للوجوب .. ويمكن أن يكون أمرا بالشئ المستحب أو المندوب ، كذلك يمكن أن يكون ” النهي ” نهيا عن الحرام .. أو يكون نهيا عن الشئ المكروه .
فالأمر في الشرع نوعان : أمر للوجوب ، وأمر للاستحباب .. والنهي أيضا نوعان : نهي عن الحرام ، ونهي عن المكروه .
مثال :
1- أمر الله تعالى بالصلاة فقال ( وأقيموا الصلاة ) .. فالأمر في كلمة ” أقيموا ” هنا أمر يفيد الوجوب ، أي أن الصلاة واجبة على المسلم .. وكذلك الأمر بالزكاة والصيام والحج .. إلخ .
2- ولكن إذا نظرنا إلى قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ” يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ” ، فسنجد أن الأمر ” فليتزوج ” ليس على سبيل الوجوب ، بل على سبيل ” الندب ” فلا يكون الشاب عاصيا أو مذنبا لو أنه امتلك الباءة ولم يتزوج .. ونفس الحال في أوامر كصلوات النوافل كالسنن والضحى وقيام الليل ، أو في صيام يوم عرفة وست من شوال ، أو الصدقات أو أداء العمرة .. إلخ .
3- ونَهَى الله تعالى عن الزنا فقال ( ولا تقربوا الزنا ) .. فهذا النهي هو للتحريم ، أي أنه يفيد الحرمة . وكذلك النَهْي عن السرقة والكذب والغيبة وأكل مال اليتيم وأكل أموال الناس وشرب الخمر .. إلخ .
4- ولكن إذا نظرنا للنهي في قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ” لا يَمَسَّنَّ أحدكم ذَكَرَه وهو يبول ” فهو هنا لا يفيد التحريم ، ولا يكون من فعل هذا مذنبا أو عاصيا ، ولكنه يترك الأفضل والأحسن .. وكذلك نهي النبي عن الجلوس في المسجد دون صلاة ركعتي ” تحية المسجد ” ، وكذلك النهي عن أكل البصل أو الثوم ثم دخول المسجد .. إلخ .
وبهذا نكون قد عرفنا أنواع الحكم التكليفي واستخلصناها من التعريف وهي خمسة :
1- الواجب
2- المندوب
3- الحرام
4- المكروه
ويضاف إليها النوع الخامس : المباح . وهو ما سبق في التعريف ” التخيير ” .
———-
الخلاصة :
- الحكم التكليفي هو الذي فيه تكاليف للعباد ، وهو : خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير .
- الاقتضاء معناه : الطلب ، وهو ينقسم إلى قسمين ( أمر / نهي ) وهما يفيدان أربعة أقسام ( الواجب / المندوب ) و ( الحرام / المكروه )
- التخيير معناه : الإباحة ، وهو الشئ المباح الذي يجوز للعبد أن يفعله أو يتركه .
- وبهذا نعرف أن الحكم التكليفي له خمسة أقسام : الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام .. وقد توجد بصيغة ( الوجوب والندب والإباحة والكراهة والحرمة ) ، فهي هي نفس الأنواع إلا أن بعض الأصوليين يفضل صيغة المصدر ( الوجوب – الإباحة .. ) والبعض يفضل الصيغة الأخرى ( الواجب – المباح .. ) ، وهو خلاف علمي دقيق جدا لا يهم غير الدارس ، وليس هنا مقامه .
في الحلقة القادمة بإذن الله نتحدث عن القسم الأول ( الواجب ) .. وحتى لا يتوه القارئ نعيد التذكير بأن :
1- أصول الفقه يبحث في 4 مباحث هي : الحكم الشرعي ، الأدلة الشرعية ، طرق الاستنباط ، الاجتهاد .
2- نحن بدأنا في مبحث ( الحكم الشرعي )
3- انقسم ( الحكم الشرعي ) إلى قسمين : الحكم التكليفي ، والحكم الوضعي .
4- نحن بدأنا في قسم ( الحكم التكليفي )
5- انقسم الحكم التكليفي إلى 5 أقسام هي : الواجب ، المندوب ، المباح ، المكروه ، الحرام .
6- سنبدأ في المرة القادة بإذن الله في القسم الأول ( الواجب